الثقافة هي الأخذ من كل شيء بطرف، فاجتهد في أن تعرف شيئا من كل شيء، فالعلم لا ينال كله؛ لأن بحره عميق، وقد أحسن من قال:
لن ينال العلم كل أحد لا وإن عاش ألف سنة
إنما العلم عميق بحره فخذوا من كل شيء أحسنه
وكن كالنحلة:
أما ترى النحل لما جنى من كل فاكهة حوى لنا جوهرين الشمع والعسلا
فالشمع نور يستضاء به والشهد يبرئ لنا الأسقام والعـللا
ونتمنى أن تستمر في القراءة، مع ضرورة أن تستشير أساتذتك؛ لأنهم أعرف الناس بقدراتك ومستواك، كما أن صاحب الخبرة يوفر لك الوقت؛ لأنه سوف يدلك على كتاب يغني عن كتب، ويبصرك بمداخل العلوم ومفاتيحها، والمسلم يبدأ بتعلم ما يصحح به عقيدته وعباداته وقواعد تعامله مع الخلق، ثم ينطلق في لون من العلوم تميل إليه النفس، والعظيم وزع القدرات والمواهب، مع ضرورة أن تجعل نيتك لله، ثم تتأكد من ثبات النية الصالحة أثناء العمل.
ولعل من المفيد أن تنوع بين المقروء والمسموع، ونحن في زمان توجد فيه كتب مسموعة، وكلما أشرك الإنسان حواسا أكثر كانت الفائدة أكبر، فالذي يقرأ ويسجل النقاط المهمة وينطقها بلسانه أفضل ممن يقرأ بعينه، فالكتابة تصور المقروء في العقل، فكأنه بعد ذلك يشاهد ويتذكر، ونطمئنك بأن معظم ما تقرأه موجود في جزء من المخ لكنه لا يخرج إلا في وقته، والطلاب يعرفون هذا، وربما خيل لأحدهم أنه لم يقرأ ولا يتذكر شيئا فإذا جلس وأمامه ورقة الاختبار وتفاجأ بالأسئلة انهمرت المعلومات كالسيل المندفع، فلن يضيع تعبك كما يخيل إليك، ولكن قيد علمك بالكتابة ولو في شكل نقاط.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بالبعد عن معاصيه؛ فإن الخطيئة تنسي العلم، وعليك بالدعاء؛ فإنه سلاح المؤمن، وتسلح بالصبر؛ فإن العاقبة لأهله، واستعن بالله وتوكل عليه، وأبشر بالخير.